رمل وزبد....جبران خليل جبران
صفحة 1 من اصل 1
رمل وزبد....جبران خليل جبران
رمل و زبد" لجبران خليل جبران
ترجمة: مفيد مسُّوح مراجعة: هنري زغيب
أصدر جبران كتابه "رمْلٌ وزَبَد" بالإنكليزية أواخر 1926، باثّاً فيه آراءه حول قضايا ومسائل إنسانية، بحِكَمٍ وأمثال (فاقت 300) بعد عرض لحكاية ألَّفها أو حدثٍ تصوَّره يعكس السُّلوك الفردي في العلاقات بين البشر، وجاءت بقالب الدَّعوة للتحلِّي بالأخلاق الفاضلة وتكريس ثقافة التَّسامح والمحبَّة، ما اعتبره دارسو جبران نماذج عن صوفيَّته وطوباويَّته.
وقد استهلَّ جبران كتابه هذا بكلمة قصيرة.
* * *
ليس بمقدورك أن تأكلَ فوق حاجتك.
نصف الرَّغيف الآخر مِن حقِّ شخص آخر. أتركْ خبزاً لضيفٍ مُغافل.
لولا الضُّيوف لكانتِ البيوتُ قبوراً.
قال ذئب كريمٌ لحمَلٍ مسكين: "ألنْ تُشرِّفنا بزيارة؟" فأجاب الحمَل: "تشرِّفنا زيارتكَ في بيتكَ لو لمْ تكن البيتَ معدتُك".
قلتُ لضيفي على عتبة داري: "لا تمْسَحْ حذاءَك وأنتَ تدخلُ، امْسَحْه وأنتَ تغادر".
ليس السَّخاء أنْ تعطيني ما أحتاجه أكثر مِنك بل أنْ تعطيني ما تحتاجه أنتَ أكثر مِنِّي.
إن أعطيتَ فأنتَ خيِّرٌ حتماً، ولكنْ أدرْ وجهَك عن سائلِكَ لئلاّ ترى الخجلَ على وجهه.
الفرق بين غنيٍّ وفقير: يومُ جوعٍ وساعة عطش.
غالباً ما نستدين من الغد لنسدِّد دَين الأمس.
كثيراً ما تزورني الملائكة والشَّياطين، لكنني أتخلَّص منهم.
للملاك أصلِّي صلاةً قديمةً فيملُّ ويتركني. وللشَّيطان أظهر إثماً قديماً فيجتازني دون اكتراث.
ليس السِّجن سيِّئاً إلى حدٍّ كبير ولكنَّني أكره الجدار بين زنزانتي وزنزانة السَّجين الآخر. وأؤكد لكَ أنني لستُ ألومُ السَّجَّان ولا مَنْ بنى السِّجن.
يعتبر نفسه سخيَّاً مَن أعطاكَ أفعى وأنتَ تطلب سمكةً، إذ ليس بحوزته سمك.
قد ينجح المحتال أحياناً فيكون نجاحه خطوةً على طريق الانتحار.
تكون صفوحاً بالفعل إن سامحتَ مجرماً لم يسفك دماً، ولصَّاً لم يسرق، ومنافقاً لم يكذب.
مَن استطاع أن يضع إصبعه على فاصل الخير مِن الشَّر كأنَّه لمسَ هدبَ ثوب الله.
إن كان قلبُكَ بركاناً، كيف تنتظر أزهاراً تفوح بين يديك؟
من غرابة التبسيط أنني أحياناً أتعرَّض للظلم والخداع فأضحك ممَّن يظنُّ أنَّني لا أعرف أنَّني ظُلِمْتُ وخُدِعْت.
ماذا بوسعك أن تقول لهاربٍ شمَخ ادِّعاءً هاربَين يُطاردُ.
إن مسَحَ قذِرٌ يديه بثوبك اتْركه له فقد يحتاجه، وأنت ما عدتَ بحاجة إليه.
من المُحزن أنَّ الصيارفة لا يمكن أن يكونوا صانعي حدائق.
لا تموِّه هفواتِك بفضائلَ اكتسبتها. هفواتكَ مِنكَ ولك.
كم جريمة لم أرتكبْها عزوتُها إلى نفسي تجنُّباً للتميُّز عمَّن جالسني من مجرمين.
أقنعة الحياة أقنعة لألغازها الأكثر عمقاً.
أنتَ لا تحاكم الآخرين إلا على أساس إدراككَ ذاتَك. قلْ لي إذن، مَن مِنَّا المذنب ومَن البريء؟
البارُّ هو فقط مَن أحسَّ بأنَّه يقاسمُك ذنوبَك مناصفةً.
لا يخرقُ القانون البشري إلا مجنونٌ وعبقريّ. وهما الأقرب إلى قلب الله.
ليس لي أعداءٌ يا ربّ. فإن صار لي عدوٌ اجْعله مثلي قوَّةً كي يكون النَّصر للحقّ.
ستكون وعدوُّكَ على وئامٍ تامٍّ إن جاءكما الموتُ معاً.
قد ينتحر امرؤٌ دفاعاً عن نفسه.
صُلبَ إنسانٌ لأنَّه عاش يحبُّ النَّاس ويحبُّونه. غريبٌ أنَّني رأيته مؤخَّراً ثلاث مرَّات: في الأولى كان يرجو شرطياً ألاَّ يأخذ ابنة هوى إلى السِّجن، في الثانية كان يشرب الخمر مع صعلوك، وفي الثالثة كان يلكم مروِّجاً دعائياً في الكنيسة.
لو كان ما قيل في الخير والشَّر حقيقة لكانت حياتي جريمة مستمرَّة.
ليست الرَّحمة سوى نصف العدالة.
ما ظلمني إلا مَن كنتُ لأخيه ظالماً.
إن رأيت مُساقاً إلى السِّجن قلْ في قلبك: "علَّه تركَ سجناً أضيق" وإن رأيتَ ثمِلاً قلْ في قلبك: "علَّه هربَ ممَّا هو أقبح".
كثيراً ما أوصلني إلى البغضاء دفاعي عن نفسي، لو كنت أقوى لما لجأت إلى هذه الوسيلة.
ما أغبى مَن يرقِّع الضَّغينة في عينيه بابتسامة مِن شفتيه.
لا يحسدُكَ أو يكرهكَ إلاَّ مَنْ هم دونَكَ. إن لم يحسدْكَ أو يكرهْك أحدٌ فليس دونَكَ أحد.
لا يمدحُك أو يذمُّك إلا مَن هم فوقَكَ. فإن لم يمدحْكَ أو يذمَّكَ أحدٌ فليس فوقَكَ أحد.
قولك لي "إنَّك لا تفهمني" مديح لي لا أستحقُّه، وإهانةٌ لنفسك لا تستحقٌّها.
ما أوضعني إذ أعطيك فضَّة بينما آخذ ذهباً، وأدَّعي أنني سخيّ.
إن أنتَ بلغتَ من الحياة قلبَها فسترى أنَّك لستَ أرفعَ مِن مجرم ولا أدنى مِن نبيّ .
غريبٌ أن تشفقَ على بليد الحركة لا على بليد التفكير، وعلى أعمى البصر لا على أعمى البصيرة.
إنَّه لمن الفطْنة ألاَّ يحطِّم الأعرج عكَّازته على رأس عدوِّه.
أعمى مَن يعطيكَ مِن جيبه ليأخذ مِن قلبِك.
الحياةُ موكبٌ سائر يراه البليدُ سريعاً فيغادره ويراه الرَّشيقُ بطيئاً فيغادره أيضاً.
يحيل بعضنا ذنْباً اقترفناه إلى الماضي اتِّباعاً لأسلافنا ويحيله آخرون إلى المستقبل تحكُّماً بأولادنا.
الصَّالحُ مَن اعتبرَ نفسه أحدَ الذين اعتُبِروا طالحين.
كلُّنا سجناء، ولكن زنزانات بعضنا ذات نوافذ وزنزانات الآخرين بدونها.
عَجَباً نبرِّر أخطاءنا أكثر حزماً مِن إثباتِ صوابنا.
لو اعترفنا بذنوبنا لبعضنا البعض لَضحِكْنا من سذاجتنا، ولو تفاخرنا بفضائلنا لبعضنا البعض لَضحِكْنا أكثر للسبب نفسه.
يظلُّ الفرد فوق القانون إلى أنْ يرتكب جرماً بحق مواثيقه. بعدها لن يكون أعلى ولا أدنى مِن أحد.
الحكومة اتِّفاق بيني وبينك وكلانا في الغالب على خطأ.
الجريمة اسمٌ آخر للاحتياج أو هي حالةٌ مرضية.
هل مِن نقيصة تفوق تعيير الآخرين في نقائصهم؟
إن ضحِك امرؤٌ مِنكَ فقد تشفقُ عليه ولكنَّك إن أنتَ ضحكْتَ مِنه فقد لا تسامح نفسَك. وإنْ أساء امرؤٌ إليك فقد تنسى إساءته ولكنَّكَ إن أنتَ أسأتَ إليه فسوف تتذكَّر إساءتَكَ دوماً. هذا المرء هو ذاتُك الرَّقيقةُ بجسدٍ آخر.
ما أحمقكَ وأنتَ تطلب مِن الآخرين التحليق بأجنحة لك لا يكسوها الرِّيش.
جلسَ رجُلٌ ذات مرَّة على مائدتي فأكل خبزي وشرب نبيذي وتركني وهو يضحك مِنِّي. وإذ عاد طالباً الخبز والنَّبيذ نهرتُه فضحكت مِنِّي الملائكة.
الكراهية كالجثَّة الراقدة. فمَنْ يرغب أن يكون قبْراً؟
حسْب القتيل فخراً أنَّه ليس بقاتل.
منْبَر الإنسانية قلبُها الصَّامتُ لا عقْلُها الثَّرْثار.
يتَّهمونني بالجنون إذ لم أبعْهم أيامي بمالهم وأنا أتَّهمهم بالجنون إذ يعتقدون بأن لأيامي ثمناً.
هم يبسطون أمامنا ثرواتهم مِن الذَّهب والفضَّة ومِن العاج والأبنوس ونحن نبسطُ أمامَهم قلوبَنا وأرواحنا. ومع هذا فأنَّهم يعتبرون أنفسهم مُضيفين ويعتبروننا ضيوفاً.
لن أكون الأصغر بين من يحلمون ويرغبون بتحقيق أحلامهم، ولن أكون الأعظم بين من لا يحلمون.
أدْعى النَّاس شفقةً ذاك الذي يحوِّل أحلامه إلى فضَّة وذهبٍ.
كلُّنا نتسلَّق إلى قِمَّة نزوات القلب. فإن سرق متسلِّقٌ حقيبتكَ ومحفظة نقودكَ فأبدَنَتْهَ الأولى وأثقلت كاهلَه الثانية فاشفقْ عليه، لأنَّ التَّسلُّق سيغدو عليه عسيراً وأحماله ستجعل طريقه طويلة. وإنْ رأيتَه وأنتَ في نحولِكَ وهو يرزح تحت حِمْله، ساعدْه فذلك يزيد مِن سرعتِك.
لن يكون بمقدورك الحكم على شخصٍ بأكثر مما تعرفه عنه، وكم ضئيلٌ ما تعرف.
لن أصغي إلى غازٍ يلقي عظةً في من غزاهم.
الحرُّ الحقيقي مَن يحمل بصبرٍ عن عبدٍ مُقيَّد.
قال لي جاري منذ ألف سنة: "أكره الحياة، فهي مجرَّد ألَم". مررْتُ أمس بالمقبرة فرأيتُ الحياة ترقص فوق قبره.
الصراع في الطبيعة نزوعُ الفوضى إلى النِّظام.
الوحدةُ عاصفةٌ صامتة تحطِّم أغصانَنا اليابسة. لكنَّها تدفع بجذورنا النَّضِرَة في عمقِ القلب النَّابض للأرض الحيَّة.
[/center]
"رمل و زبد" لجبران خليل جبران
[url=http://www.jamaliya.com/new/show_works.php?writer=ترجمة: مفيد مسوح مراجعة: هنري زغيب]ترجمة: مفيد مسوح مراجعة: هنري زغيب [/url] ترجمة: مفيد مسُّوح مراجعة: هنري زغيب
أصدر جبران كتابه "رمْلٌ وزَبَد" بالإنكليزية أواخر 1926، باثّاً فيه آراءه حول قضايا ومسائل إنسانية، بحِكَمٍ وأمثال (فاقت 300) بعد عرض لحكاية ألَّفها أو حدثٍ تصوَّره يعكس السُّلوك الفردي في العلاقات بين البشر، وجاءت بقالب الدَّعوة للتحلِّي بالأخلاق الفاضلة وتكريس ثقافة التَّسامح والمحبَّة، ما اعتبره دارسو جبران نماذج عن صوفيَّته وطوباويَّته.
وقد استهلَّ جبران كتابه هذا بكلمة قصيرة.
[center]
* * *
ليس بمقدورك أن تأكلَ فوق حاجتك.
نصف الرَّغيف الآخر مِن حقِّ شخص آخر. أتركْ خبزاً لضيفٍ مُغافل.
لولا الضُّيوف لكانتِ البيوتُ قبوراً.
قال ذئب كريمٌ لحمَلٍ مسكين: "ألنْ تُشرِّفنا بزيارة؟" فأجاب الحمَل: "تشرِّفنا زيارتكَ في بيتكَ لو لمْ تكن البيتَ معدتُك".
قلتُ لضيفي على عتبة داري: "لا تمْسَحْ حذاءَك وأنتَ تدخلُ، امْسَحْه وأنتَ تغادر".
ليس السَّخاء أنْ تعطيني ما أحتاجه أكثر مِنك بل أنْ تعطيني ما تحتاجه أنتَ أكثر مِنِّي.
إن أعطيتَ فأنتَ خيِّرٌ حتماً، ولكنْ أدرْ وجهَك عن سائلِكَ لئلاّ ترى الخجلَ على وجهه.
الفرق بين غنيٍّ وفقير: يومُ جوعٍ وساعة عطش.
غالباً ما نستدين من الغد لنسدِّد دَين الأمس.
كثيراً ما تزورني الملائكة والشَّياطين، لكنني أتخلَّص منهم.
للملاك أصلِّي صلاةً قديمةً فيملُّ ويتركني. وللشَّيطان أظهر إثماً قديماً فيجتازني دون اكتراث.
ليس السِّجن سيِّئاً إلى حدٍّ كبير ولكنَّني أكره الجدار بين زنزانتي وزنزانة السَّجين الآخر. وأؤكد لكَ أنني لستُ ألومُ السَّجَّان ولا مَنْ بنى السِّجن.
يعتبر نفسه سخيَّاً مَن أعطاكَ أفعى وأنتَ تطلب سمكةً، إذ ليس بحوزته سمك.
قد ينجح المحتال أحياناً فيكون نجاحه خطوةً على طريق الانتحار.
تكون صفوحاً بالفعل إن سامحتَ مجرماً لم يسفك دماً، ولصَّاً لم يسرق، ومنافقاً لم يكذب.
مَن استطاع أن يضع إصبعه على فاصل الخير مِن الشَّر كأنَّه لمسَ هدبَ ثوب الله.
إن كان قلبُكَ بركاناً، كيف تنتظر أزهاراً تفوح بين يديك؟
من غرابة التبسيط أنني أحياناً أتعرَّض للظلم والخداع فأضحك ممَّن يظنُّ أنَّني لا أعرف أنَّني ظُلِمْتُ وخُدِعْت.
ماذا بوسعك أن تقول لهاربٍ شمَخ ادِّعاءً هاربَين يُطاردُ.
إن مسَحَ قذِرٌ يديه بثوبك اتْركه له فقد يحتاجه، وأنت ما عدتَ بحاجة إليه.
من المُحزن أنَّ الصيارفة لا يمكن أن يكونوا صانعي حدائق.
لا تموِّه هفواتِك بفضائلَ اكتسبتها. هفواتكَ مِنكَ ولك.
كم جريمة لم أرتكبْها عزوتُها إلى نفسي تجنُّباً للتميُّز عمَّن جالسني من مجرمين.
أقنعة الحياة أقنعة لألغازها الأكثر عمقاً.
أنتَ لا تحاكم الآخرين إلا على أساس إدراككَ ذاتَك. قلْ لي إذن، مَن مِنَّا المذنب ومَن البريء؟
البارُّ هو فقط مَن أحسَّ بأنَّه يقاسمُك ذنوبَك مناصفةً.
لا يخرقُ القانون البشري إلا مجنونٌ وعبقريّ. وهما الأقرب إلى قلب الله.
ليس لي أعداءٌ يا ربّ. فإن صار لي عدوٌ اجْعله مثلي قوَّةً كي يكون النَّصر للحقّ.
ستكون وعدوُّكَ على وئامٍ تامٍّ إن جاءكما الموتُ معاً.
قد ينتحر امرؤٌ دفاعاً عن نفسه.
صُلبَ إنسانٌ لأنَّه عاش يحبُّ النَّاس ويحبُّونه. غريبٌ أنَّني رأيته مؤخَّراً ثلاث مرَّات: في الأولى كان يرجو شرطياً ألاَّ يأخذ ابنة هوى إلى السِّجن، في الثانية كان يشرب الخمر مع صعلوك، وفي الثالثة كان يلكم مروِّجاً دعائياً في الكنيسة.
لو كان ما قيل في الخير والشَّر حقيقة لكانت حياتي جريمة مستمرَّة.
ليست الرَّحمة سوى نصف العدالة.
ما ظلمني إلا مَن كنتُ لأخيه ظالماً.
إن رأيت مُساقاً إلى السِّجن قلْ في قلبك: "علَّه تركَ سجناً أضيق" وإن رأيتَ ثمِلاً قلْ في قلبك: "علَّه هربَ ممَّا هو أقبح".
كثيراً ما أوصلني إلى البغضاء دفاعي عن نفسي، لو كنت أقوى لما لجأت إلى هذه الوسيلة.
ما أغبى مَن يرقِّع الضَّغينة في عينيه بابتسامة مِن شفتيه.
لا يحسدُكَ أو يكرهكَ إلاَّ مَنْ هم دونَكَ. إن لم يحسدْكَ أو يكرهْك أحدٌ فليس دونَكَ أحد.
لا يمدحُك أو يذمُّك إلا مَن هم فوقَكَ. فإن لم يمدحْكَ أو يذمَّكَ أحدٌ فليس فوقَكَ أحد.
قولك لي "إنَّك لا تفهمني" مديح لي لا أستحقُّه، وإهانةٌ لنفسك لا تستحقٌّها.
ما أوضعني إذ أعطيك فضَّة بينما آخذ ذهباً، وأدَّعي أنني سخيّ.
إن أنتَ بلغتَ من الحياة قلبَها فسترى أنَّك لستَ أرفعَ مِن مجرم ولا أدنى مِن نبيّ .
غريبٌ أن تشفقَ على بليد الحركة لا على بليد التفكير، وعلى أعمى البصر لا على أعمى البصيرة.
إنَّه لمن الفطْنة ألاَّ يحطِّم الأعرج عكَّازته على رأس عدوِّه.
أعمى مَن يعطيكَ مِن جيبه ليأخذ مِن قلبِك.
الحياةُ موكبٌ سائر يراه البليدُ سريعاً فيغادره ويراه الرَّشيقُ بطيئاً فيغادره أيضاً.
يحيل بعضنا ذنْباً اقترفناه إلى الماضي اتِّباعاً لأسلافنا ويحيله آخرون إلى المستقبل تحكُّماً بأولادنا.
الصَّالحُ مَن اعتبرَ نفسه أحدَ الذين اعتُبِروا طالحين.
كلُّنا سجناء، ولكن زنزانات بعضنا ذات نوافذ وزنزانات الآخرين بدونها.
عَجَباً نبرِّر أخطاءنا أكثر حزماً مِن إثباتِ صوابنا.
لو اعترفنا بذنوبنا لبعضنا البعض لَضحِكْنا من سذاجتنا، ولو تفاخرنا بفضائلنا لبعضنا البعض لَضحِكْنا أكثر للسبب نفسه.
يظلُّ الفرد فوق القانون إلى أنْ يرتكب جرماً بحق مواثيقه. بعدها لن يكون أعلى ولا أدنى مِن أحد.
الحكومة اتِّفاق بيني وبينك وكلانا في الغالب على خطأ.
الجريمة اسمٌ آخر للاحتياج أو هي حالةٌ مرضية.
هل مِن نقيصة تفوق تعيير الآخرين في نقائصهم؟
إن ضحِك امرؤٌ مِنكَ فقد تشفقُ عليه ولكنَّك إن أنتَ ضحكْتَ مِنه فقد لا تسامح نفسَك. وإنْ أساء امرؤٌ إليك فقد تنسى إساءته ولكنَّكَ إن أنتَ أسأتَ إليه فسوف تتذكَّر إساءتَكَ دوماً. هذا المرء هو ذاتُك الرَّقيقةُ بجسدٍ آخر.
ما أحمقكَ وأنتَ تطلب مِن الآخرين التحليق بأجنحة لك لا يكسوها الرِّيش.
جلسَ رجُلٌ ذات مرَّة على مائدتي فأكل خبزي وشرب نبيذي وتركني وهو يضحك مِنِّي. وإذ عاد طالباً الخبز والنَّبيذ نهرتُه فضحكت مِنِّي الملائكة.
الكراهية كالجثَّة الراقدة. فمَنْ يرغب أن يكون قبْراً؟
حسْب القتيل فخراً أنَّه ليس بقاتل.
منْبَر الإنسانية قلبُها الصَّامتُ لا عقْلُها الثَّرْثار.
يتَّهمونني بالجنون إذ لم أبعْهم أيامي بمالهم وأنا أتَّهمهم بالجنون إذ يعتقدون بأن لأيامي ثمناً.
هم يبسطون أمامنا ثرواتهم مِن الذَّهب والفضَّة ومِن العاج والأبنوس ونحن نبسطُ أمامَهم قلوبَنا وأرواحنا. ومع هذا فأنَّهم يعتبرون أنفسهم مُضيفين ويعتبروننا ضيوفاً.
لن أكون الأصغر بين من يحلمون ويرغبون بتحقيق أحلامهم، ولن أكون الأعظم بين من لا يحلمون.
أدْعى النَّاس شفقةً ذاك الذي يحوِّل أحلامه إلى فضَّة وذهبٍ.
كلُّنا نتسلَّق إلى قِمَّة نزوات القلب. فإن سرق متسلِّقٌ حقيبتكَ ومحفظة نقودكَ فأبدَنَتْهَ الأولى وأثقلت كاهلَه الثانية فاشفقْ عليه، لأنَّ التَّسلُّق سيغدو عليه عسيراً وأحماله ستجعل طريقه طويلة. وإنْ رأيتَه وأنتَ في نحولِكَ وهو يرزح تحت حِمْله، ساعدْه فذلك يزيد مِن سرعتِك.
لن يكون بمقدورك الحكم على شخصٍ بأكثر مما تعرفه عنه، وكم ضئيلٌ ما تعرف.
لن أصغي إلى غازٍ يلقي عظةً في من غزاهم.
الحرُّ الحقيقي مَن يحمل بصبرٍ عن عبدٍ مُقيَّد.
قال لي جاري منذ ألف سنة: "أكره الحياة، فهي مجرَّد ألَم". مررْتُ أمس بالمقبرة فرأيتُ الحياة ترقص فوق قبره.
الصراع في الطبيعة نزوعُ الفوضى إلى النِّظام.
الوحدةُ عاصفةٌ صامتة تحطِّم أغصانَنا اليابسة. لكنَّها تدفع بجذورنا النَّضِرَة في عمقِ القلب النَّابض للأرض الحيَّة.
[/center]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى